المحلل السياسي الشرفي: ملفات اليمن تشهد تقلبات حادة ومن بينها قضية الوحدة
يمنات – صنعاء
قال المحلل السياسي عبد الوهاب الشرفي إن الوحدة اليمنية تواجه خطراً كبيراً نتيجة استمرار الأزمة السياسية والعسكرية في البلاد مؤكداً أن المخرج المناسب لليمن أصبح مسألة متعلقة بالتطورات الاقليمية والدولية.
و أضاف عبد الوهاب الشرفي، لصحيفة ”الميثاق”، أن الوضع في اليمن خطير لكنه في الجنوب أخطر.
حاوره/ يحيى علي نوري
* تأتي الذكرى الـ28 لإعادة تحقيق الوحدة في ظل متغيرات وتحديات كبرى ما ابرز هذه التحديات من وجهة نظركم؟
– لاشك ان اليمن يمر بمرحلة غير مسبوقة ويواجه تحديات شاملة فجميع قضاياه السياسية والاقتصادية والامنية والديمغرافية كلها تشهد تقلبات حادة وقضية الوحدة هي واحدة من هذه القضايا وهي بالطبع من القضايا الخاصة لانها ذات اثر مضاعف على كل القضايا الاخرى، ولعل أبرز التحديات التي تواجهها الوحدة هي عدم وجود مكون فارض يمثل دولة الوحدة واستمرار الازمة السياسية والعسكرية في البلد التي تسمح بتفريخ وتقوية المكونات على حساب مفهوم القضية الجنوبية واخطر ما تواجهه الوحدة من تحديات استخدام دول خارجية بينها دول التحالف السعودي للقضية الجنوبية لصالح فرض اجندتها في محافظات جنوب اليمن.
* من خلال حديثكم أن هذه التحديات ليست وليدة اليوم وانما نتاج مشكلات متراكمة السؤال ما الذي كان ينبغي فعله مبكرا؟
ربما ان التوجه المبكر لمفهوم الدولة وسيادة النظام والقانون والانفتاح السياسي الداخلي كانت كفيلة بتجنب الكثير من هذه التطورات المهددة لوحدة البلد او استيعابها تحت سقف القانون دون اتاحة الفرصة لاستخدامها من قبل اللاعبين الخارجيين.
* الا ترون ان كل المكونات اليمنية تتحمل المسئولية في تشكل هذا الوضع؟
– بطبيعة الحال لا يمكن اخلاء طرف اي مكون من المكونات السياسية والحراكية من الاسهام في تشكل هذا المشهد المتعلق بالوحدة اليمنية غير السليم بالنسبة للجميع ايضا، الجميع سار ومازال يسير في مسارات غير موصلة للنتيجة المطلوبة له هو على الاقل، فلا المتمسكين بالوحدة تمكنوا من انتاج تصورات سياسية عملية تسهم في استقرار دولة الوحدة وبغض النظر عن القضاء على النزعات الانفصالية من عدم ذلك، ولا النازعين للانفصال استطاعوا ان يسيروا السير السياسي الموصل لاهداف الجنوب – او لنقل المشّكل لاهداف الجنوب ابتداء – وغير الضارب لامن واستقرار الجنوب واليمن ككل بالتبعية .
* ظهور المشاريع الصغيرة والتي نالت من الوحدة الم تكن سببا في تأخر الاصلاحات المناسبة لتصحيح مسار الوحدة؟
– وصف اي مشروع بالصغير او بالكبير هي مسألة متعلقة بقدرة هذا المشروع على جمع كل المعنيين به تحت اطاره وهذه هي احدى مشاكل المكونات الجنوبية التي لم تستطع حتى الآن ان توجد مشروعا جنوبيا جامعا ولهذا تظل المشاريع النابضة في الساحة الجنوبية صغيرة ولا تحمل مشروع الجنوب – بغض النظر عن طبيعته – والتوجه للاصلاحات ايضا لم يكن عند المستوى المطلوب والمسألة تبادلية بين اصلاحات في غير المستوى وبين مشاريع صغيرة تتكاثر على حساب قضية الجنوب.
* ما وُضع من معالجات في مؤتمر الحوار لقضية الوحدة يراه البعض انه زاد مشكلة الوحدة تعقيدا.. هل تتفق مع هذا الرأي؟
- كان مؤتمر الحوار الفرصة التي اتيحت للتعرض لقضية المحافظات الجنوبية لاول مرة لكن لم تفتح القضية بشكل يعالجها وانما كان سينقل اليمن لشكل دولة جديد مع استمرار مشكلة الجنوب كما هي.
* المركزية الشديدة في ادارة الدولة هل كانت المشكلة الوحيدة؟
– ربما يمكن القول ان هذه المشكلة الاولى وليست الوحيدة، لكن يجب اعادة التوصيف فالمسألة لا تتعلق واقعا – بحق الجنوب وبحق الشمال ايضا – بمركزية دولة وانما بمركزية نفوذ وهو ما جعل الامر يتطلب معالجة وضع النفوذ في الدولة ككل وليس الحد من المركزية مع استمرار النفوذ كمعالجة لقضية المحافظات الجنوب واشكالات المحافظات الشمال ايضا..
* اليوم هناك أيادٍ اقليمية ودولية باتت تعبث بهذا الملف.. في نظركم الى اي مدي ستؤثر هذه التدخلات على مستقبل الوحدة؟
– التدخلات الاقليمية والدولية الحاصلة لا اعتقد انها يمكن ان تؤثر على مستقبل الوحدة لكنها خطيرة للغاية بمستقبل اليمن كدولة وكمجتمع وكاقتصاد وكأمن، بمعنى لن تضرب الوحدة وتوجد دولة مستقلة في المحافظات الجنوبية ولكنها ستوجد حالة واسعة من الاضطراب والصراع وتعرّض مستقبل اليمن ككل للخطر، فلا تستطيع هذه التدخلات الخارجية العابثة ان تمنح الجنوب دولة واستقراراً ولا يستطيع اليمنيون في ظل وجود هذه التدخلات ان يمضوا لدولة واستقرار لليمن ككل. وبعبارة اخرى المسألة لاتتعلق بمستقبل الوحدة في المرحلة الحالية وانما تتعلق بفرصة اليمن في الدولة والاستقرار.
* هناك اطروحات لشكل اليمن الموحد هل تلبي متطلبات تعزيز وتجذير الوحدة؟
– لن تنجح اي اطروحات لشكل دولة الوحدة مالم تعالج مسألة النفوذ ويفرض قيام دولة وسيادة نظام وقانون يشعر بموجبه الجميع انهم شركاء في الدولة وان الدولة هي دولة الجنوبي والشمالي على حد سواء، وعلى كل حال البلد الآن تحتاج لاطروحات للسلام والخروج من نفق عسكرة الطيف السياسي والقبول بالعمل السياسي من الجميع لحل قضاياهم الجميع الآن لا يعول على الحل السياسي لا لقضية الدولة اليمنية ولا لقضية الجنوب وجزء كبير من عدم التعويل هذا وراءه انزلاق الملف اليمني وخروجه عمليا من ايدي الاطراف اليمنية جميعا.
* مع تنامي المناطقية وحالة الفرز للمجتمع هل ترى ان ذلك سيؤثر على مناطق عدة باليمن ويستدعي الشرعيات القديمة؟
– غياب الدولة الجامعة بطبيعته يولد نمو التعنصر في اطارات تعمل كل قوة على حماية مصالحها عبرها وعلى حساب المصلحة العامة بالطبع، ونحن نعاني في هذا الجانب من مشكلة مركزة غياب الدولة الجامعة لصالح المشاريع السياسية ومؤخرا غياب الدولة الجامعة والمشاريع السياسية لصالح المشاريع المناطقية او “الجماعاتية”. وكل هذا يستدعي او يرفع من مستوى الصراع والتفكك غير المنتج، ولن يستدعي شرعيات لاقديمة ولاجديدة لان كل اساليب العمل التي يتبناها الجميع ليست مسارات انتاج شرعية من اي نوع وانما انتاج صراع واضطراب مستدام.
* يقال ان الجنوب مهدد اكثر من الشمال بالتشظي الى اكثر من دويلة؟ وهل الشمال سيظل كما كان؟
– لنقل ان الجنوب مهدد بتنامي الكيانات اكثر من الشمال فالمشكلة في الجنوب باتت مشكلة رفض الدولة وليست كما الشمال مشكلة التشارك في الدولة، وهذا بطبيعته يولد كيانات متنافسة مع مرور الوقت ليحمي كل مكون نفسه من تفرد وممارسة المكونات الاخرى بوظائف الدولة، وبالنسبة للشمال معرض لتهديدات ديمغرافية وجيوسياسية اكثر منها سياسية فالاطار العام السياسي في الشمال مستقر سواء للدولة او للمكونات والمشكلة تكمن في رفض التسليم له وليس عدم وجوده. ويمكن القول ان الوضع في اليمن ككل خطير ولكنه في الجنوب اخطر.
* المخرج المناسب لهذه القضية كيف ترونه في ظل عدم امتلاك المكونات اليمنية لقرارها الوطني المستقل ؟
– ربما هذا هو السؤال الذي لا اريد ان اجيب عليه كي لا يتكرس اليأس ويظل بصيص الامل موجوداً لان فقده مصيبة، لكن بصورة عامة المخرج اصبح مسألة متعلقة بالتطورات الاقليمية والدولية المحيطة بالملف اليمني وهي من سينتج المخرج المناسب او تسمح بقيام فرصة انتاجه. ويظل اليمن بلداً متجذر الوجود وثابت البُنى وثق انه سيصمد الى ان يجد مخرجه المناسب.
* هل سيؤدي هذا التعامل مع ما سيطرحه ممثل الامين العام من معالجه لقضية الوحدة وفرض ذلك بإرادة دولية؟
- لايستطيع الممثل الاممي ولا غيره طرح معالجة لقضية الوحدة الا في اطار حل الملف اليمني وتحت سقف الوحدة والارادة الدولية ليست بالتماسك الكافي ولا بالتوجه الواحد لخلق حلول فضلا عن فرضها.
* بالمناسبة ماذا تتوقعون لرؤية ممثل الامين العام والتي يقال انه يعكف حاليا على اعداد تصوره ؟
– لم يتضح حتى الآن اطار العمل الذي يعمل عليه المبعوث الاممي فهو ملزم بإطار القرارات الدولية وخصوصا 2216 وفتحه باب التعامل مع مكونات الحزام الجنوبي بهذا المستوى ومن هذه المرحلة هي مسألة قد تزيد من التعقيد امام نجاحه في الوصول لحل الملف اليمني ولهذا علينا ان نتوقع مزيداً من التعثر مع “غريفيث” مالم يغير اسلوب ادائه بالتركيز على حل الملف اليمني وفق اطاره الاممي الحالي ومن ثم الانطلاق للتعامل مع المشكلات التي فرزت على الواقع جنوبا كتبعة من تبعات الحرب. وهذا لا يعني رفضنا لتعامله مع مكونات الجنوب بل ان التعامل معها بات واقعا لابد منه ولكن لايجب ان يتم ذلك قبل العمل على حل للملف اليمني وفق صيغته الحالية ومن ثم الانطلاق للتفاصيل التي لم تكن مثارة دوليا وامميا من قبل. وهذا الامر هو احد مانخشاه اساسا في ان تستمر العملية السياسية مجرد إلهاء للتغطية على استمرار الاعمال العسكرية وسيكون الإلهاء في حال فتح القضية الجنوبية من هذة المرحلة اكثر حرفية.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.